الترشيح
الترشيح كلمة لها معانى قديمة ولها معانى حديثة فالمعنى المعروف للترشيح كان مأخوذا من العلوم وكان غالبا يستخدم فى عملية الترسيب والمعنى الأشهر هو :
عملية ترشيح
وإلى نصف قرن كان الناس يستخدمون الشاش أو نسيج الطرحة فوق فم الزير ويصبون مياه الزلعة أو مياه القربة عليه لتنقيه من الشوائب الكبيرة ثم يضيفون الشبة لتنظيف ماء الشرب من الشوائب من خلال الزير والمزيرة وهى حامل الزير حيث كانت الرواسب تنزل إلى أسفل الزير وأحيانا تنزل من خلال ترشيح الزير حيث يكون فيه خروم نادرة تنزل الماء المترسب فيه الشوائب إلى المزيرة مع بعض الشوائب ومع هذا كان لابد من غسيل الزير كل أسبوع لاخراج الشوائب من أسفله
وكان الترشيح يستخدم فى عملية عمل العرقسوس من خلال قطعة نسيج من الشاش حيث كانت أجزاء العرقسوس يصب فوقها الماء وهى مربوطة على الكوز من أعلى حيث كانت نقاط سائل العرقسوس تنزل من الشاش وتبقى أجزاء نبات العرقسوس فى الشاش
بالطبع كانت عملية الترشيح تجرى فى الشرب والمطبخ ومثالها فى المطابخ الحديثة الصفاية الصغيرة التى توضع عند صب الينسون أو الحلبة فى الأكواب ليتبقى حبوب الينسون وحبوب الحلبة فى الصفاية لرميها فى سلة المهملات بدلا من رميها فى الأحواض لعدم سدها
المعنى الحديث والذى تم استيراد من الغرب بدأ فيما يبدو مع كارثة استيراد نظام المجالس النيابية من الغرب وهى نظم تخالف كتاب الله فلا يوجد شىء اسمه تمثيل مختصر للناس يختص أصحابه بمهمة حرمها الله على الناس وهى التشريع الذى صاحبه الله وحده كما قال :
" شرع لكم من الدين "
ما فى الإسلام هو :
أن كل المسلمين لهم نفس الحقوق من حيث اتخاذ القرارات وطرح الآراء ولم يستثن الله أحد حيث قال :
" وأمرهم شورى بينهم "
فالشورى عامة ليس فيها مسلم أفضل من مسلم
وحتى فى أيام الرسول (ص) كان من الممكن أن يعطى الله رسوله الخاتم(ص) حرية اتخاذ القرارات وحده ولكنه ألزمه أن يشاور كل المسلمين حيث قال :
" وشاروهم فى الأمر "
السبب هو :
أن قصر الشورى على بعض دون بعض يؤدى كما هو الحال إلى أن تتحكم القلة فى الكثرة وتفقدها حقوقها من خلال كارثة أنهم مفوضون لاتخاذ القرار بدلا من الشعب ككل وهذا هو حال كل المجالس النيابية فى كل دول العالم وهى :
أن من يفوز بالانتخابات النيابية يحول سياسة البلد إلى مصالحه حتى ولو كان ظاهر كلامهم صالح الشعب ولكن الحقيقة هى :
أن كل حزب فاز يحول البلد لمصلحته من خلال تغيير أصحاب المناصب إلى أعضاء من حزبه ويحول المميزات المالية لصالح ما يريدون ويتحكمون فى مصير كل صفقات المشروعات يعطونها لمن يريدون حتى ولو قالوا أنهم يلتزمون الشفافية والعدل لا يستثنى من ذاك أى حزب حتى الحزب الشيوعى فى أى بلد كان يحكمها فرغم أن مبادىء الحزب قائمة على المساواة وحقوق العمال والفلاحين إلا أن الحال تحول إلى مميزات لأعضاء المكاتب السياسية فى كل بلدة داخل الدولة الشيوعية وكان أهمها السكن فى القصور والفيلات كأماكن معيشة لهم والتصييف والتشتى فى أفخم الأماكن فى الدولة والطعام والشراب المجانى من أغلى الأصناف البطارخ من أغلى نوع وهو الكافيار والفودكا وهى أغلى أنواع الخمر والسيجار كانت نصيبهم هى وأمور أخرى لم تكن تعطى لبقية الناس
المجالس النيابية استيرادها جاء بكارثة الترشيح وهو :
من حق المواطن أن يقدم طلب لدخول
الانتخابات النيابية
وهو ما يعنى :
أن المرشح يزكى نفسه وهو ما حرمه الله سبحانه بقوله سبحانه :
"ولا تزكوا أنفسكم "
واستنكره الله حيث قال :
" أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا"
بالطبع تختلف
الانتخابات من بلد إلى بلد أخر فى شروط الترشيح فبعض البلاد من حق أى مواطن أن يترشح حتى ولو كان مجرم أو هارب من الخدمة العسكرية أو لا يجيد القراءة أو الكتابة والمثال الأشهر سابقا كان رئيس الوزراء الايطالى سيلفيو بيرلسكونى الذى أدين بتهم التهرب من الضرائب وبقضايا جنسية وغيرها وكان رجل أعمال له علاقات مجهولة بالمافيا وحاليا المثال الأشهر هو رجل الأعمال دونالد ترامب رافض الخدمة العسكرية الذى يمارس تجارة الجنس والقمار والمراهنات ومهاجم المجلس التشريعى بالعصابات وفى دول العالم نجد أن بعض المساجين فازوا بعضوية مجلس النواب منهم اثنين فى احد انتخابات الكويت وبعضوية المجالس البلدية كما فى حالة جويل جاستون الأمريكى وهو فى السجن وبعض النظم كانت تقصر الترشيحات على أعضاء حزبهم كالأحزاب الشيوعية فى دول شرق أوربا أو قصر الترشيح على أحزاب معينة هى الأحزاب الاشتراكية والتقدمية فى سوريا الأسد أو قصر الترشيح على أحزاب معينة عدا الأحزاب الشيوعية والمنتمية للدين كما كان الأمر فى إندونسيا أيام سوهارتو وسوكارنو وفيما بعدهم وفى أوربا الغربية كانت النظم تمنع معظم الأحزاب الشيوعية والنازية من دخول
الانتخابات وتقبض على أعضائها وحاليا تغير هذا وأصبح الحزب النازى الذى حاربوا قائده هتلر هو حاكم ألمانيا حاليا والأدهى والأمر أنه يناصر يهود إسرائيل حاليا مع أن هتلر كان يقتلهم
بالطبع تلك الشروط توضع من أجل حرمان ناس معينة من الممكن أن يفوزوا بالانتخابات كحرمان الأميين وأصحاب الدبلومات والمعاهد العلمية من دخول
الانتخابات لعدم حصولهم على شهادة جامعية
فى دين الله لا يجوز لأحد أن يرشح نفسه وإنما الناس هم من تختار من تريد لمناصب معينة لقوله سبحانه :
" فلا تزكوا أنفسكم "
وهنا لا أتكلم عن المناصب النيابية فهى ليست من دين الله فى شىء وإنما أتكلم عن مناصب رئاسة القرى والمدن محافظ حاكم ....
وحتى الروايات حرمت تولى المنصب على كل من زكى نفسه فطلب الولاية وهى رئاسة أى مكان فهى تمنع من تولى المنصب
السبب فى الروايات :
حرصه على طلب الولاية والحريص عليها يكون هدفه دوما هدف محرم إلا أن يكون أحمقا مغفلا
وفى هذا تقول الرواية :
7149 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاَءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَرَجُلاَنِ مِنْ قَوْمِي، فَقَالَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ: أَمِّرْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَقَالَ الآخَرُ مِثْلَهُ، فَقَالَ: «إِنَّا لاَ نُوَلِّي هَذَا مَنْ سَأَلَهُ، وَلاَ مَنْ حَرَصَ عَلَيْهِ» رواه البخارى
14 - (1733) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَرَجُلَانِ مِنْ بَنِي عَمِّي، فَقَالَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَمِّرْنَا عَلَى بَعْضِ مَا وَلَّاكَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَالَ الْآخَرُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ: «إِنَّا وَاللهِ لَا نُوَلِّي عَلَى هَذَا الْعَمَلِ أَحَدًا سَأَلَهُ، وَلَا أَحَدًا حَرَصَ عَلَيْهِ» رواه مسلم
2466 - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ، أَنا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، نَا مُسْلِمُ بْنُ الحجَّاجِ، نَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، نَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبي مُوسَى الأشْعَرِيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنا وَرَجُلانِ مِن بَنِي عَمِّي، فَقَالَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ: أَمِّرْنَا عَلَى بَعْضِ مَا وَلاكَ اللَّهُ، وَقَالَ الآخَرُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ: «إِنَّا وَاللَّهِ لَا نُوَلِّي عَلَى هَذَا الْعَمَلِ أَحَدًا سَأَلَهُ، وَلا أَحَدًا حَرَصَ عَلَيْهِ». رواه البغوى قى شرح السنة
4481 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَرَجُلَانِ مِنْ بَنِي عَمِّي، فَقَالَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمِّرْنَا عَلَى بَعْضِ مَا وَلَّاكَ اللَّهُ، وَقَالَ الْآخَرُ مِثْلَ ذَلِكَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَا وَاللَّهِ لَا نُوَلِّي عَلَى هَذَا الْعَمَلِ أَحَدًا سأله، ولا أحدا حرص عليه" رواه ابن حبان قى صحيحه
بالطبع من يطلب أى كرسى أيا كان نوعه من نفسه دون رضى من الله وهو اختيار الله للرسل (ص) وبعض الحكام كطالوت (ص) وبعد انتهائهم من الوجود أصبح رضى الناس بمعنى :
أن يختاروا صاحب المنصب من أنفسهم ولكن حسب شروط معينة :
الأول الصحة وهى قوة الجسم
الثانى العلم بأحكام الله
وهو ما قاله سبحانه فى أسباب اختيار طالوت (ص):
" وزاده بسطة فى العلم والجسم "
الثالث أن يكون من المجاهدين المنفقين فى سبيل الله وفى المعنى قال سبحانه :
"لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى"