ومن العمل ما كان قتلا عمدا

ومن العمل ما كان قتلا عمدا

ومن العمل ما كان قتلا عمدا
فى دنيانا هذه أمور غريبة قد تبكينا وقد تضحكنا ضحك الجنون كما قيل فى المثل :
شر البلية ما يضحك
من تلك الأمور التى كنا نسمع عنها نظام السخرة وهو نظام استعمل فى حفر قناة السويس كما يحكى لنا حيث كانت الحكومة الخديوية تجمع كل شهر عشرات الآلاف من الفلاحين كل شهر وتسوقهم إلى منطقة القناة لكى يقوموا بحفر القناة ورفع الردم ولم تكن تنفق عليهم فعليهم أن يعملوا طيلة النهار وعليهم أن يطعموا أنفسهم من مالهم ومن ثم كان البعض يحمل الزوادة الطعامية طوال مئات الكيلومترات ومن ثم كانت تنفد منهم خلال أسبوع أو اثنين على الأكثر وعليهم إما أن يشتروا الطعام بما معهم من مال قليل أو يقوموا بالسرقة من الأماكن القريبة ومن ثم يقال أن الآلاف ماتوا جوعا وقهرا ودفنوا هناك
الغريب أن فى هذا الوقت كان الخديوى يستدين لبناء أشياء لم يكن الشعب يدخلها كحديقة الحيوان والمسارح ودار الأوبرا
هذا مثل من ضمن أمثلة كثيرة مات بعض الأجداد بسببها وهم ساكتون صامتون بسبب السياط المسلطة على ظهورهم والتى لم تكن ترحم أحدا منهم تحت بند اعمل ومت جائعا
فى عصرنا الحالى بعد حوالى قرنين أو اقل ما زالت آلة القتل تعمل فى مجتمعنا فتقتل بعض الموظفين عمدا وبالقانون كما يقال
فى النظام الطبى نجد نوبات عمل اسمها 12 ساعة و24 ساعة و36 ساعة متواصلة
ومن اخترع هذا القرار أو التشريع واحد من ثلاثة :
الأول عدو للناس أصدر القانون أو القرار لاحداث مشاكل متعددة فى المجتمع هى :
1- مشاكل صحية سواء كان للطاقم الطبى الذى يظل ساهرا يوم أو يوم ونصف بدون نوم لأن الأطباء ومعهم طاقم التمريض سيصابون بالاجهاد من ضغط العمل ومن ثم تقل درجة صحتهم أو مشاكل للمرضى الذى يعالجهم أطباء فاقدين للتركيز ومن ثم تحدث كوارث فى اجراء العمليات أو تشخيص الأمراض
2-مشاكل اجتماعية فالطاقم الطبى يغيبون عن أولادهم وزوجاتهم يوم كامل أو يومين وعندما يذهبون للبيوت ينامون لمدة يوم ومن ثم لا يرون أولادهم ولا يعرفون ماذا فعلوا فى حياتهم وزوجاتهم من المؤكد أنها تعانى من بعاد زوجها عنها وتظل حياة هؤلاء غير مرتبة وغير منتظمة لأن الأب غائب نصف أسبوع عنهم
3- مشاكل قضائية ففى كثير من تلك النوبات كثيرا ما يخطىء الأطباء أخطاء طبية تؤدى لقيام المرضى أو ورثتهم برفع قضايا على الأطباء الذين فقدوا تركيزهم فى تلك النوبات ولا يمكن أن يكون التركيز سليما وأنت تغالب النوم الذى هو سلطان لا يغلبه أحد
الثانى انتهازى نفعى والمقصود أن مخترع النظام كان طبيبا يريد أن يشغل نفسه فى أيام الاجازة فى المشافى الخاصة أو فى العيادة الخاصة ومن ثم اخترع هذا النظام لكى يجنى المال من كل الجهات وكان أول الناس عدم التزاما به
بالطبع أقول هذا عن تجربة منذ 27 عاما تقريبا عندما أجريت عملية جراحية فى احدى مشافى التأمين الصحى وعندما جاء الليل أعطوا المرضى الأدوية ثم هرب طاقم الأطباء وطاقم الممرضين من المشفى من النوبة الليلية فعندما اشتدت آلامى حاول المريض الأخر معى أن يساعدنى ولكن كمية الألم كانت تتطلب مسكنا أو مخدرا ومن ثم خرجت من الحجرة أبحث عن أحد فى حجرات الأطباء والممرضين فلم أجد أحد فنزلت للدور الأول ولم أجد أحد سوى حارس الأمن وعندما سألته أجابنى زوغوا معك ربنا وقضيت ليلة من أسوأ ليالى حياتى
بالطبع ألتمس لكل من يعمل بنظام تلك النوبات العذر فى هروبه لأن من اخترع النظام خالف أحكام الجسد الإنسانى التى قالها الله فى كتابه
الثالث منتقم حاقد على الطاقم الطبى من الإداريين أراد أن يعذب ممن يفوقونه فى العلم فاخترع لهم هذا النظام لأنه يحس بالنقص والحقد والكراهية تجاههم
لا يمكن أن يخترع هذا النظام إلا عدو أو انتهازى أو حاقد وهذا الاختراع كما سبق القول كارثة من الكوارث التى يجب إزالتها من المجتمع للتالى :
1- نسبة من يموت من الطواقم الطبية بسبب نظام 24 و36 ساعة كبيرة وقد ظهرت من سنوات بسبب شيوع أخبار هؤلاء المجهدين على الشبكة العنكبوتية وأما فى أيام الإعلام الورقى فلم يكن هناك من يقدر على ربط الأحداث ببعضها لوقوعها فى أماكن متباعدة من المحافظات
2-نسبة المرضى الذين يموتون أو يصابون بأمراض ناتجة من فقد العاملين بتلك النوبات تركيزهم ليست نسبة قليلة لو أجريت دراسات على من دخلوا فى أثناء ممارسة تلك النوبات للعلاج
إن الطبيب لابد أن يفقد تركيزه من عدم النوم حتى ولو شرب شاى وقهوة ومن ثم تجرى مصائب هو لا يدرى بها وهو يجرى جراحة أو يشخص مرض
3- حياة عائلات الطواقم الطبية التى تعمل بذلك النظام حياة مهترئة حتى ولو حاولوا تعويض الأبناء والزوجات بالمال
بالطبع بين الله أن أقصى مدة يجب أن يرتاحها الإنسان بالنوم أو بدون نوم ست ساعات اثنتين بعد الظهيرة لقوله سبحانه :
" وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة "
وأربع ساعات تقريبا ليلا إذا سهر الإنسان لصلاة القيام كما قال سبحانه :
" إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك"
ومن ثم لا يوجد عمل وظيفى اسمه نوبات عمل 12 أو24 او 36ساعة متواصلة
لقد فرض الله العمل الوظيفى فى الفترة المصطلح عليها بالصباحية حتى وقت الظهيرة كما قال :
" وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة "
ولكن لما كان هناك وظائف اضطرارية تعمل طوال اليوم أوجب تقسيم العمل على فترات وهى :
المجاهدون أو المقاتلون ويجب أن يكون تركيز هؤلاء أعظم تركيز لأن بقاء الدولة أو زوالها معتمد عليهم ومن ثم يجب ألا تزيد نوباتهم على أربع ساعات أو ست ساعات كحد أقصى
الشرطة التى تعمل فى النجدة والمطافىء وعلى هؤلاء أن يكونوا موجودين طوال اليوم من خلال نوبات عمل ستة ساعات
الأطباء والممرضين وهؤلاء إن كان عددهم قليل فيجب زيادته ولا يعملوا سوى فترة ست ساعات وإن تطلب العمل ست ساعات أخرى تكون غير متواصلة والمقصود :
أن يعملوا من السادسة صباحا للثانية عشر ظهرا ويرتاحوا ست ساعات ثم يعملوا من 6 مساء حتى 12 ليلا
إن الله أراد من تشريعاته اليسر وليس العسر حيث قال :
"يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر "
ومن ثم يجب التخلى عن ذلك القرار الذى أوقن أنه ليس تشريعا قانونيا لأن قانون العمل ينص على أن عدد ساعات العمل الأسبوعية 35 ساعة وطبقا لنظام النوبات بعض الأطباء يعمل 60 ساعة أسبوعيا منها 36 و24 حسب بعض جداول العمل
إن هذا النظام لابد أن يلغى حفاظا على صحة المرضى أولا وحفاظا على صحة الأطباء والممرضين ثانيا وإن كان هناك نقص فى الكوادر الطبية فيمكن زيادة عدد طلاب الطب والصيدلة والتمريض فى كل سنة للقضاء على هذا النقص
بعيدا عن النظام فإن الأطباء الكبار كثيرا منهم من يهرب من نوباته ويتركها لمن هم أصغر منه لكى يعمل فى عيادته أو المشافى الخاصة وبالطبع الأطباء الصغار كأى موظف جديد خائف من أن يقوم رئيسه بكتابة تقرير سيىء فيه ومن ثم يعمل وحيدا وهو ما يقربه من الموت نتيجة ضغط العمل فالعمل الذى يقوم به ثلاثة أو أربعة يقوم به واحد وهى جريمة قتل عمد سواء ممن ابتدع النظام أو ممن يهرب ويزوغ
فهل سيكون هناك حل لهذا القرار الذى لا يصدر إلا من عدو أو انتهازى أو حاقد ؟