يوم أمس, 03:03 PM
|
|
|
|
|
احتفالات المولد النبوى
احتفالات المولد النبوى
تختلف طقوس الاحتفال من بلد إلى أخرى وهى طقوس مخالفة فى الغالب لأحكام الله وهذه الطقوس ذكر ابن خلكان فى كتابه وفيات الأعيان أحدها ج5، ص117 – 119 حيث قال:
" إن أهل البلاد كانوا سمعوا بحسن اعتقاده فيه (أي في المولد) فكان في كل سنة يصل إليه من البلاد القريبة من اربل مثل بغداد، والموصل، والجزيرة، وسنجار، ونصيبين، وبلاد العجم، وتلك النواحي، خلق كثير من الفقهاء، والصوفية، والوعاظ، والقراء، والشعراء، ولا يزالون يتواصلون من المحرم إلى أوائل شهر ربيع الأول، ويتقدم مظفر الدين بنصب قباب من الخشب، كل قبة أربع أو خمس طبقات، ويعمل مقدار عشرين قبة أو أكثر منها قبة له، والباقي للأمراء وأعيان دولته لكل واحد قبة.
فإذا كان أول صفر زيّنوا تلك القباب بأنواع الزينة الفاخرة المتجملة، ويعدّ في كل قبة جوق من الأغاني، وجوق من أرباب الخيال ومن أصحاب الملاهي، ولم يتركوا طبقة من تلك الطبقات حتى يرتبوا فيها جوقاً وتبطل معايش الناس في تلك المدّة وما يبقى لهم شغل إلا التفرج والدوران عليهم.
وكانت القباب منصوبة من باب القلعة إلى باب الخانقاه المجاور للميدان، وكان مظفر الدين ينزل كل يوم بعد صلاة العصر، ويقف على قبة قبة، إلى آخرها، ويسمع غناءهم ويتفرج على خيالاتهم، وما يفعلون في القباب، ثم يبيت في الخانقاه ويعمل السماع فيها ثم يركب عقيب صلاة الفجر يتصيد، ثم يرجع إلى القلعة قبل الظهر، وهكذا يعمل كل يوم إلى ليلة المولد.
وكان يعمل (المولد) سنة في ثامن الشهر، وسنة في ثاني عشرة، السبب الاختلاف الذي فيه، فإذا كان قبل المولد بيومين أخرج من الإبل والبقر والغنم شيئاً كثيراً كثيراً زائداً عن الوصف، وزفها بجميع ما عنده من الطبول والأغاني والملاهي حتى يأتي بها إلى الميدان، ثم يشرعون في نحرها وينصبون القدور، فإذا كانت ليلة المولد عمل السماعات، وبعد أن يصلي المغرب في القلعة، ثم ينزل وبين يديه من الشموع المشتعلة شيء كثير، ومن جملتها شمعتان أو أربع من الشموع الموكبية التي تحمل كل واحدة منها على بغل، ومن ورائها رجل يسندها وهي مربوطة على أظهر البغل حتى ينتهي إلى الخانقاه.
وفي صبيحة يوم المولد تنزل الخلع من القلعة إلى الخانقاه على أيدي الصوفية وعلى أيد كل شخص منهم بقجة وهم متتابعون كل واحد وراء الآخر فينزل من ذلك شيء كثير ثم ينزل (الملك المظفر) إلى الخانقاه، ويجتمع الأعيان والرؤساء، وطائفة كبيرة من بياض الناس، وينصب كرسي للوعظ وقد نصب لمظفر الدين برج من الخشب له شبابيك إلى الموضع الذي فيه الناس، والكرسي، وشبابيك أخر للبرج إلى الميدان، وهو ميدان كبير في غاية الاتساع، ويجتمع فيه الجند ويعرضون ذلك النهار، والملك المظفر تارة ينظر إلى الجند، وتارة إلى الناس والوعاظ، ولا يزال كذلك حتى يفرغ الجند من عرضهم فعند ذلك يقدم السماط في الميدان للصعاليك، ويكون سماطاً عاماً فيه من الطعام والخبز شيء كثير لا يحد ولا يوصف، ويمد سماط ثان في الخانقاه للناس المجتمعين عند الكرسي.
وفي مدة العرض ووعظ الوعاظ يطلب (الملك المظفر) واحداً من الأعيان والرؤساء الوافدين لشهود هذا الموسم من الفقهاء والوعاظ والقراء والشعراء ويخلع على كل واحد منهم ثم يعود إلى مكانه فإذا تكامل ذلك كله حضروا السماط وحملوا منه لمن يقع التعيين على الحمل إلى داره ولا يزالون على ذلك إلى العصر أو بعده، ثم يبيت المظفر تلك الليلة هناك، ويعمل السماعات إلى بكرة هكذا دأبه في كل سنة، فإذا فرغوا من هذا الموسم تجهز كل إنسان للعود إلى بلدته فيدفع لكل شخص شيء من النفقة "
من هذا الوصف يتبين أن السلطان المظفر ملك إربل وهو سلطان أيوبى وهو زوجد أخت صلاح الدين كان يقيم المولد مع أن المشهور أن الدولة الأيوبية قضت على مظاهر احتفالات الشيعة وطقوسهم بعد القضاء على الدولة الفاطمية
ومن يقر النص سيجد المخالفات التالية :
الأول تعطيل الناس عن أعمالهم الوظيفية ثلاثة اشهر حيث يتوافدون من بداية المحرم حتى نهاية الاحتفال للمدينة ويقيمون فيها دون عمل وهو قول ابن خلكان:
"يصل إليه من البلاد القريبة من اربل مثل بغداد، والموصل، والجزيرة، وسنجار، ونصيبين، وبلاد العجم، وتلك النواحي، خلق كثير من الفقهاء، والصوفية، والوعاظ، والقراء، والشعراء، ولا يزالون يتواصلون من المحرم إلى أوائل شهر ربيع الأول"
وهو مخالفة صريحة لقوله سبحانه :
" فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه "
الثانى شغل الناس بالفرجة ثلاثة أشهر على الزينات والغناء من خلال جوق الغناء وبالتمثيل وهم أرباب الخيال وهو ما يسمى خيال الظل وبالملاهى وهو قول ابن خلكان :
"زيّنوا تلك القباب بأنواع الزينة الفاخرة المتجملة، ويعدّ في كل قبة جوق من الأغاني، وجوق من أرباب الخيال ومن أصحاب الملاهي، ولم يتركوا طبقة من تلك الطبقات حتى يرتبوا فيها جوقاً وتبطل معايش الناس في تلك المدّة وما يبقى لهم شغل إلا التفرج والدوران عليهم."
وهو ما يعنى أن المظفر صاحب أربل أو أربيل كان يستخدم لهو الحديث وهو الكلام الباطل لابقاء الناس بطلة بلا عمل ويفسدهم بما كان يجلبه من فرق الغناء والتمثيل واللهو وفى حرمة هذا قال سبحانه :
"ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا وأولئك لهم عذاب مهين"
الثالث القيام بالاستعراضات العسكرية والقاء الخطب وهو قول ابن خلكان:
"وهو ميدان كبير في غاية الاتساع، ويجتمع فيه الجند ويعرضون ذلك النهار، والملك المظفر تارة ينظر إلى الجند، وتارة إلى الناس والوعاظ"
وهو كلام معناه أنه كان يجعل الجند منشغلين بالاستعراضات بدلا من الجهاد أو بدلا من وجودهم على الحدود لرصد الأعداء
وهذا يفسر الأحداث التاريخية فى تلك الفترة وهو وجود الإمارات الصليبية الأربعة فى الشام وعدم قدرة الدولة الأيوبية على التخلص منها طوال فترة حكمها لأن حكامها كانوا يحاربون بعضهم البعض وبعضهم كان يتحالف مع الصليبيين وهذا المظفر كان يشغل الناس عن الجهاد بما فعله من ابتكار الاحتفال بالمولد وإلهاء الناس عن وظائفهم وجهادهم
وفى عصرنا حضرنا فى الصغر مظاهر الاحتفال بالمولد فى القرى حيث كان يبدأ من أمام دار شيخ مشايخ الصوفية فى البلدة والذى كان يقوم هو ومساعديه بوضع أسياخ الحديد الرفيعة وأحيانا السمينة فى خدود الشباب وأحيانا أذرعهم وأحيانا فى جلد الزور بعد أن يبلها بمواد مخدرة ويقوم بإخراج الرايات المختلفة خاصة الخضراء من مسجد معين ومنها رايات مكتوبة عليها الشهادتين ورايات أخرى مكتوب عليها أسماء الخلفاء الأربعة ورايات مكتوب عليها أسماء الطرق الصوفية وأسماء مشايخها كما يتم اخراج سيوف قديمة وتعطى لبعض الشباب والمشايخ لكى يلوحوا بها يمينا ويسارا وهو يسيرون ويتم اخراج بعض كتب الأوراد أو كتب الأشعار فى السيرة النبوية ويعطيها لبعض الكهول لكى ينشدوا وهم يسيرون
وفى البداية يتم تنظيم المسيرة كالتالى:
المشايخ فيما يبدو فى الأمام ثم بعض حملة الرايات ثم الشباب الذين وضعت الأسياخ فى أجسامهم ثم بعض حملة الرايات ثم حملة السيوف ثم قراء الأوراد ثم حملة بعض الرايات وفى النهاية من ينشدون الأشعار ويغنون بها
وبعد الظهر تتوجه المسيرة إلى دار الشرطة أو بيت العمدة لأخذ الإذن من الضابط أو العمدة وتسيير بعض أفراد الشرطة مع المسيرة ثم تتوجه المسيرة إلى خط سير محدد يطوف بالبلدة من خلال شارع داير الناحية وهو شارع معروف فى كل القرى والمدن وتنتهى المسيرة إلى دار شيخ المشايخ حيث يقوم بخلع الأسياخ من الأجسام ووضع المخدر عليها ثم ينصرف الناس
وكانت النساء يتفرجن على المسيرة من خلال سطوح البيوت ويقذفن بالحلوى على المشاة وأحيانا يقف الأولاد بزجاجات أو أكواب الماء لكى يسقوا السائرون فى المسيرة
بالطبع هذا تلخيص لأحداث الاحتفال من المؤكد أن الذاكرة نسيت بعض منه فقد كان أخر تلك الاحتفالات فى قريتنا منذ أكثر من ثلاثين سنة
والملاحظ هو أن المسيرة تعبر عن نفسه ما عبرت عنده الاحتفالات فى عصر الملك المظفر وهو :
تعطيل الناس عن عملهم الوظيفى فى ذلك يوما وهو معصية لقوله سبحانه :
"فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه "
صرف الناس عن صلاة النهار لأن المسيرة كانت تنتهى غالبا بعد العصر أو قبل المغرب حيث تستغرق أربع أو خمس ساعات
إضرار أجساد الناس من خلال وضع الأسياخ فى جلودهم وخرمها وغالبا ما كان الكثير من الشباب تتورم خدودهم وحلوقهم وقد منع الله إضرار الإنسان لنفسه أو غيره حيث قال :
" وما جعل عليكم فى الدين من حرج"
وفى ذلك الزمان كان الشباب المدخن فى السر يستغل ذلك اليوم لاظهار نفسه وهو يدخن أمام الآباء ولكن كما يزعمون فى حب الرسول (ص) لكى يتغلب على الألم
وهى معصية أخرى لاضرار النفس
ونجد معصية أخرى وهى السير أربع أو خمس ساعات بلا فائدة وإنما كما يقال هد حيل والمقصود تعب لأجسام من يحملون الرايات ويهزون السيوف وخمس ساعات من الغناء وقراءة الورد وهو ما يجعل حناجرهم تتعب ويصاب البعض بالبحة وهى تضييع الصوت
هل عبرنا بذلك حب الرسول (ص) أم عبرنا عن عصياننا لدينه من خلال إضرار أجسامنا وتضييع أعمالنا الوظيفية يوما كاملا بلا زرع ولا قلع ولا إنتاج ولا تعليم ...؟
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
|
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 02:04 AM

{ تذكير الصلاة عماد الدين )
|
|
|
|
|